بداية ونحن نتحدث عن انطلاقة المئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية الحديثة، من حقنا ان نفخر ونرفع رؤوسنا عاليا لتعانق السماء، بهذا الوطن الاردني الهاشمي العروبي، الذي بناه قادتنا الهاشميون ومن خلفهم الاباء والاجداد وشعبنا الاردني المعطاء، وبالارادة القوية ومواجهة التحديات بعزم لا يلين، استطعنا بناء الوطن الانموذج، فأصبح اليوم وطن الفخار والعز والكبرياء، وطناً حراً سيداً، ورغم التحديات التي واجهت الاردن، إلا أنه كان يخرج منها أكثر قوة وتماسكاً ومنعة.
لقد واجهنا تحديات عديدة منذ بدايات التأسيس للدولة الاردنية الحديثة، تحديات سعينا خلالها نحو بناء الدولة وتشكيل الهوية الوطنية الاردنية الجامعة، واستطعنا بقيادة جلالة المرحوم الملك عبدالله الأول، من مواجهة هذا التحدي بفضل حكمة وشجاعة جلالته ووعي الشعب الأردني، وبفضل وجود رجالات اقوياء حول العرش الهاشمي والزعامات العشائرية والوطنية القوية.
ومنذ عهد جلالة المرحوم الملك عبدالله الاول، واصل الاردن بشعبه الوفي وقيادته الحكيمة العمل الدؤوب، من اجل ترسيخ اركان الدولة الحديثة وبناء مؤسساتها الدستورية، ومؤسسة الجيش العربي المصطفوي، هذا الجيش الذي نفاخر فيه، فهو المؤسسة التي من خلالها ومن خلال المؤسسات الوطنية، تشكلت الهوية الوطنية الاردنية الجامعة، واستمرت عملية النهوض والبناء بمختلف القطاعات وخاصة الصحية والتعليمية، ولاستكمال السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني الاردني، فقد تحقق الاستقلال بعزم الرجال الرجال، وبدأت عملية النمو والنماء تدور بسرعة ?غم شح الموارد وقلتها، ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية، استطاع الاردن استيعاب اللجوء الفلسطيني عام 1948 «عام النكبة» وصهره بالهوية الوطنية الجامعة، وواصل مسيرته الخيرة، بالعمل على تعزيز الحياة السياسية والبرلمانية وترسيخ الديمقراطية، وتوج ذلك ببناء المؤسسات الوطنية الراسخة، ووضع اول دستور للمملكة، حدد فيه مرتكزات الدولة الاساسية ونظام الحكم فيها، والضمانات المتعلقة بصون الحقوق السياسية والديمقراطية للمواطنين، وتعزيز قيم العدالة والمساواة بينهم، وعلاقة المواطن بدولته وحقوقه وواجباته، والذي اكد ايضا على ان?الاردن جزء اصيل من امته العربية.
وهنا ونحن نحتفل بمئوية مملكتنا الأردنية الهاشمية، لا بد من الاشارة الى ان الاردن ومنذ التأسيس، كان منفتحاً على هويته العربية، لذلك سميت حكومته الاولى حكومة الشرق العربي، وجيشه الجيش العربي، ورئاسات الحكومة في البدايات كانت لشخصيات عربية.
وتواصلت المسيرة، وتعددت التحديات، ففي عهد جلالة الملك الباني الحسين بن طلال رحمه الله، واجه الأردن في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تحديات المد الشيوعي والناصري واليساري، وتحدي اللجوء والنزوح الفلسطيني، ثم جاءت أحداث السبعين، واللجوء اللبناني والعراقي، وحرب الخليج الأولى والثانية والأزمة الاقتصادية عام 89، واحتلال الكويت والحصار الاقتصادي على الأردن عام 1990، لكن بفضل حنكة وحكمة الراحل الكبير جلالة الملك الحسين، ومنعة قواتنا المسلحة وأجهزتنا الامنية، وإرادة شعبنا الحرة، استطعنا تجاوزها واستمر الأردن قوياً?عزيزاً، والعرش الهاشمي أكثر رسوخاً ومنعة، وواصلنا بناء الأردن الحديث.